مع الابتكار المعفي من قيود الروتين : دبي.. مشاريع عقارية بـ 100 مليار دولار تكتمل نهاية 2010

نوهت شركة المدار للتمويل والاستثمار بالنجاح الكبير الذي تحققه دبي في العقار، وقالت في تقريرها العقاري الشهري الذي جاء تحت عنوان 'الاستثمار العقاري في دبي.. قصة نجاح': أعمال البناء ومئات الرافعات العملاقة التي تنصب في أنحاء المدينة وكومة من المباني الحديثة ذات الطراز المعماري الغربي باتت هي المعلم الأساسي لمدينة دبي. وبحسبة سريعة للمشاريع الضخمة التي أعلنتها دبي منذ فترة بسيطة التي لا يزال معظمها في طور التنفيذ والإنجاز، فإن الرقم يصل بسهولة إلى أكثر من 100 مليار دولار هي القيمة الفعلية لمشاريع ستتجسد على أرض الواقع بنهاية العقد الحالي. فحاليا يجري استثمار نحو 55 مليار دولار في تنفيذ المشروعات الإنشائية من مجمعات وفلل وعمارات وغيرها في حين جرى الالتزام باستثمار نحو 45 مليار دولار أخرى في مشروعات لا تزال على الورق. وقصة الاستثمار العقاري في دبي هي قصة نجاح بكل المقاييس، بل هي درس لجميع دول المنطقة ففي دبي الأكبر والأوسع والأعلى والأفخم والأطول في العالم على مستوى العقار وتصل السعة الفندقية في دبي إلى 30 ألف غرفة كما أن فيها 35 مولا تجاريا فخما ولعل أخر هذه المولات وأحدثها هو إمارات مول الذي يعتبر من التحف المعمارية الراقية نظرا لضخامة هذا المجمع واحتوائه على أشهر الماركات العالمية من جهة ونظرا لاحتوائه على المدينة الثلجية التي تعتبر الأولى من نوعها في منطقة الشرق الأوسط. كما أن مطار دبي يتعامل مع أكثر من مائة شركة طيران تطير إلى أكثر من 145 جهة ولذلك لا عجب من أن يصل عدد السياح السنويين إلى أكثر من خمسة ملايين زائر. أساس النجاح ونجاح دبي لم يأت من فراغ بل جاء بعد دراسة متأنية ورغبة جامحة في تحويل دبي كمركز اقتصادي وسياحي إقليمي حاليا وعالمي مستقبلا وإلى تبني سياسة مبتكرة في التحرر والتنوع الاقتصادي. وجاء اعتماد دبي على القطاع العقاري والسياحي رغبة منها في تنويع مصادر الدخل وتوفير مصادر حيوية بديلة عن النفط والتي لا تتملك منه سوى نسبة 8.5 % من الاحتياطي العام لدولة الإمارات العربية المتحدة. وتعتبر دبي رائدة في مجالات الاستثمارات العقارية وتوفير الفرص الاستثمارية في دول مجلس التعاون الخليجي ودرسا يمكن أن يحتذى به لتطوير أنظمة وقوانين الدول الخليجية المتأخرة بعض الشيء ونجاحه في ما يتعلق بقطاع العقار. ولعل الملاحظ هنا أن ما ساهم في تعزيز قطاع العقار المزدهر أساسا هو إصدار قانون فتح الباب أمام المستثمر الأجنبي في التملك الحر في دبي. فقد أصدر حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد المكتوم قانونا يسمح وللمرة الأولى لغير المواطنين حق تملك العقار ملكية غير مقيدة بموافقة الحاكم وفي مناطق يحددها في الإمارة علما بأن حق التملك كان مقتصرا بالسابق على مواطني دول مجلس التعاون الخليجي. وعلى الرغم من حداثة هذا القانون فإن حكومة دبي تسعى جاهدة إلى تقديم كافة التسهيلات وتعديل الإجراءات بما يتناسب مع راحة المستثمرين وتوفير المعلومات التي قد تساعد في قياس الواقع الحقيقي لسوق العقار في دبي. السوق الأنشط ويعتبر سوق العقار في دبي من أنشط الأسواق كما أنه يستحوذ اهتمام فئة كبيرة من الشركات الاستثمارية والمستثمرين. ولا عجب أن يكون أكثر أهمية من البورصة على سبيل المثال مما ساهم في زيادة نشاط المضاربة العقارية والارتفاع المطرد في إيجارات الفلل والشقق. هذا الانتعاش في أسعار الأراضي جاء بسبب النمو الاقتصادي الكبير التي تشهده الإمارة الذي أدى إلى طفرة هائلة في حجم الاستثمار العقاري الذي أنعش بدوره غالبية القطاعات الاقتصادية الأخرى خصوصا أن عائد الاستثمار يفوق عمليا في دبي غالبية القطاعات. وإلى جانب هذا كله فإن الزيادة المتوقعة في عدد سكان دبي الذي من المتوقع أن يصل إلى 2.1 مليون نسمة بحلول عام 2010 وإلى أكثر من 4 ملايين نسمة في عام 2020 ( يبلغ عدد سكان دبي حاليا 1.5 مليون نسمة ) وزيادة عدد السياح ليصلوا إلى 20 مليون سائح بحلول عام 2015 سيساهم في زيادة الطلب على المشروعات العقارية والسياحية في دبي. وبنظرة على سوق العقار فإن الإحصائيات تشير بوضوح الى أن الإيجارات استمرت بالارتفاع على الرغم من ارتفاع حجم المعروض من المباني السكنية بنسبة 42.3 % والوحدات السكنية بنسبة 63.5 % خلال الأعوام الخمسة الماضية. كما أن عدد رخص البناء الجديدة تقدر بحوالي 2000 رخصة بناء كما أن المباني قيد التشييد تبلغ 4000 مبنى تقريبا ( هذا إذا ما تم استثناء الفلل السكنية ). نقص المعروض من جهة اخرى فان الاماكن المهمة في دبي ستشهد نقصا في المعروض، وسيتم بيع العقارات الفخمة باسعار اكبر من الاسعار الحالية في الاسواق، وبالتأكيد فان تدفق المعروض من الوحدات السكنية في السوق العقاري في دبي خلال السنوات المقبلة سيكون فرصة وليس تهديدا للمستثمرين اذا استطاعوا التصرف بحكمة. ولعل من ابرز المشاريع المقامة حاليا مشروع جزر العالم الذي يتكون من 300 جزيرة اصطناعية تشكل خريطة العالم، وتمثل كل دول الكرة الارضية تقريبا وقد بدأت ملامح هذا المشروع بالظهور قبالة ساحل دبي من خلال البدء باعمال الردم. ويجسد المشروع الذي اطلق علية اسم العالم (ذي وورلد) خريطة العالم علما بان 12 جزيرة اخذت في الظهور على سطح البحر لتترجم على الواقع مشروعا آخر من مشاريع دبي العملاقة. ويبلغ طول مشروع العالم 5.5 كيلو مترات مربعة وكذلك عرضة ويجري تنفيذ المشروع الذي تقدر تكلفته حوالي ثلاثة مليارات دولار على بعد اربع كيلومترات من ساحل دبي بين فندق برج العرب وميناء راشد ولا يمكن الوصول للجزر الا بحرا او جوا. ويعتبر مشروع العالم اكثر المشاريع جذبا للمشاهير نظرا للطابع المعماري الحديث الذي يتميز به المشروع ويعتبر نجم منتخب انكلترا ديفيد بيكهام من اوائل المشاهير الذين اشتروا في هذا المشروع. وكذلك يجب ان لا ننسى هنا مشروع نخلة جبل علي الذي يعتبر من اكبر الجزر التي صنعها الانسان في العالم وهي جزء من 'واجهة دبي البحرية'، اكبر مشروع تطوير لواجهة بحرية في العالم. وعبر موقعها على سواحل مدينة دبي في دولة الامارات العربية المتحدة، ستساهم 'نخلة جبل علي' في ترسيخ موقع المدينة كمقصد سياحي عالمي متطور. ويعتبر الهلال المحيط بالنخلة لحمايتها الاطول في العالم بمحيط اجمالي يبلغ 20 كيلو مترا تقريبا. ونظرا لضخامته، يعد مشروع 'نخلة جبل علي' فريدا من نوعه اذ ان كاسر الامواج وحده يتكون من 10 ملايين طن من الصخور ويتطلب استصلاح الارض نفسها حوالي 150 مليون متر مكعب من الرمال لتغطية مساحة 5,9 ملايين متر مربع. وستحتوي 'نخلة جبل علي' على عدد كبير من المراكز التجارية والترفيهية والوحدات السكنية المتنوعة التي ستساهم بشكل كبير على تفعيل دور دبي الحيوي كمركز تجاري واقتصادي. سمة بارزة ويبدو ان الجزر الصناعية هي السمة البارزة في المشاريع المقبلة لدبي حيث من المنتظر كذلك الانتهاء من مشروع نخلة الجميرة ويتضمن هذا المشروع جزر اصطناعية ستكون عبارة عن فلل وبيوت وفنادق بوتيقية وشقق على حدود الشاطئ وقد تم البدء ببناء هذا المشروع في يونيو عام 2001. كما ان دبي ستشهد خلال المرحلة المقبلة تطوير مشروع وسط المدينة الذي سيضم برج دبي الاعلى في العالم وتصل مساحة المشروع الى نحو 45 مليون قدم مربع وسيتضمن المشروع 30 الف منزل جديد و9 فنادق عالمية المستوى و5 ملايين قدم مربع من متاجر التجزئة العصرية و32 الف قدم من المساحات الخضراء ويقع المشروع على شارع الشيخ زايد في قلب منطقة الاعمال والفنادق الفاخرة والمرافق السكنية التي تضم اشهر الابنية مثل برج الامارات ومركز دبي التجاري العالمي وفندق فيرمونت ويرمي المشروع الى بناء منطقة جديدة قائمة بحد ذاتها تضم مرافق سكنية وتجارية واخرى للترفيه والبيع بالتجزئة. ولعل تجربة دبي العقارية خير مثال لدول الخليج العربي بخاصة والوطن العربي عامة، التي لا تفتقر للطموحات ولكن يعرقلها الروتين وقلة الخبرة فكانت دبي ومازالت سباقة في الابتكار والتطبيق ولهذا اصبحت من اشهر المدن العالمية في مجال الاستثمار العقاري. قسما السوق ينقسم سوق العقار في دبي إلى قسمين فالقسم الأول يندرج تحت مسمى المناطق التقليدية التي أصبحت الأراضي المعروضة فيها أقل من الطلب وبالتالي أصبحت التداولات محدودة فيها. والقسم الثاني هو المناطق الجديدة التي تطورها الشركات العقارية وهي المناطق التي تتركز عليها حركة التداول العقاري الحالي. كما أن الاستثمار العقاري ينقسم كذلك في دبي إلى قسمين وهما نظام التمليك الذي يهدف إلى توفير الفلل الفاخرة ذات المستوى الهندسي الراقي لجذب أكبر شريحة من المستثمرين الأجانب للشراء وكذلك نظام الإجارة الذي يوجه عادة إلى المواطنين والمقيمين ويوفر شققا ذات مستويات متوسطه. ولعل هذا الانقسام قد أوجد فوارق في مستوى عائد الاستثمار، ففي حين يتراوح العائد في قطاع الإيجار بين 8 و 12 % يتعدى عائد الاستثمار في قطاع التمليك 20 % مما ساهم في توجيه غالبية الاستثمار إلى قطاع التمليك. الإسكان الفاخر يشعل أسعار الأراضي.. والإيجارات ويبدو أن ارتفاع أسعار الأراضي والفلل جاء بسبب تركز الاستثمارات العقارية الجديدة في قطاع الإسكان الفاخر من خلال مشاريع التطوير العقارية الكبرى التي تتوجه إلى أصحاب الثروات والدخول المرتفعة من داخل دبي وخارجها وكذلك للراغبين في اقتناء الوحدات السكنية ضمن هذه المشروعات كاستثمار لفترات قصيرة ومتوسطة المدى. فعلى سبيل المثال، فقد ارتفعت أسعار الفلل في مشروع المروج من 1250 دولارا للمتر المربع إلى 3750 دولارا للمتر المربع وهذا ما يرفع سعر الفيللا التي تصل مساحتها إلى 300 متر مربع إلى 1.1 مليون دولار أي ما يعادل ثلاثة مرات أكثر مما دفعته الشركة المطورة للمشروع. وكذلك أظهرت الدراسات التي جرت مؤخرا أن مشروع (الينابيع) الذي نفذته شركة (إعمار) قد ارتفعت أسعار الفلل فيه إلى أكثر من 35 %. وبينما كان ثمن الفيللا التي تبلغ مساحتها 465 مترا مربعا في عام 2003 في مشروع نخلة جبل علي 700 ألف دولار تقريبا، بلغ ثمن الفيللا نفسها في مشروع نخلة الديرة مرة ونصف سعر الفيللا في مشروع جبل علي وذلك بعدها بعام ونصف العام فقط. وقد قامت الشركات حتى الآن بتشييد عدد 12 ألف فيللا مخصصة للتملك الحر وسيكون هناك العدد نفسه من الفلل التي سيتم تسليمها في السنوات الخمس القادمة بما في ذلك مشاريع دبي لاند وفي الوقت نفسه فإن 300 ألف شقة يفترض أن تدخل إلى سوق العقار في دبي خلال السنوات الأربع القادمة وبالطبع فإن هذه الأرقام لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تشكل تهديدا على نشاط السوق العقاري نظرا لزيادة الطلب على الفلل والشقق السكنية مقابل نقص هائل وشديد في المعروض. ومما هو جدير بالذكر هنا أنه يقدر وصول 60 إلى 70 ألف شخص جديد شهريا إلى دبي للسكن والعمل فيها. إن دبي كونها نموذجا للتطور، تسعى بخطوات جريئة للتحول إلى تجمع لأفراد يتمتعون بأعلى معدلات للدخل مثل المستشارين الطبيين في مركز دبي الطبية أو المستثمرين في مركز دبي المالي العالمي. وتملك دبي وسائل أعلام ومجتمع معلومات في منطقة 'تيكوم' كما أن مركز دبي للسلع المتعددة يقوم ببناء مركز لتجارة المعادن النفيسة والألماس والنفط وحتى العملات ولذلك فإن المستثمرين والمشترين للفلل والشقق السكنية سيتمتعون براحة أكبر إذا كانوا ينظرون إلى استثمار هذه العقارات نظرا لأن أسعار هذه العقارات ستأخذ منحنى صعودي أي أعلى من المستويات الحالية وذلك لتجمع افراد ربما تكون معدلات دخلهم الاعلى في منطقة الشرق الاوسط اللمصدر: https://www.alqabas.com/article/287553

محتاج مساعدة؟